الرئيس السيسي ضمير أمة
الرئيس السيسي ضمير أمة
د. نصر محمد غباشي
يعتبر الرئيس السيسي أول من اهتم بتطوير الحياة العمرانية والاقتصادية لخلق حياة كريمة لمستقبل مجتمع واعد تشهده مصر كلها في الفترة الحالية، والرئيس السيسي يتمتع بقدرة عظيمة لضمان حماية حقيقية للإنسان المصري، لكي يتمتع بحقوقه كاملة في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية، دون تمييز بين جميع طوائف المجتمع حتى يضمن كل فرد تحقيق كل مصالحه وتلبية كافة احتياجاته، في حقوق مستحقة شرعتها الكتب السماوية ونصت عليها العهود والمواثيق الدولية، ونصت عليها القوانين والدساتير الوطنية، حتى يتحقق العدل والمساواة دون تمييز بين الجميع، فقد كرس الرئيس هذه الحقوق الإنسانية النبيلة حتى تكون الخطوة الأهم والأعظم في صون حقوق الإنسان وحرياته الأساسية.
فمن أجل حماية الأمن والسلام الاجتماعي، والحفاظ على الجهود المبذولة في التنمية والرخاء، طالب الرئيس السيسي بإرجاء العمل بقانون “الشهر العقاري” رقم ١٨٦ لسنة ٢٠٢٠ الذي أقره الفصل التشريعي السابق، وعند دخول القانون حيز التنفيذ قد ساد جدل كبير وغضب شعبي اختلطت به المفاهيم والآراء، نتيجة تأثير الأفكار التي شعر بها ملاك العقارات، نتيجة الحرمان من إدخال الخدمات والمرافق العامة الحيوية لخدمة الإنسان، من كهرباء ومياه وغاز طبيعي، إلا إذا كانت هذه العقارات مسجلة في الشهر العقاري، وإن كانت عقود البيع الابتدائية ليست سندًا للملكية، للمتعاملين مع هذه العقود في المواد العقارية لأن نقل الملكية في هذه المواد لا تعتبر مشهرًا إلا بالتسجيل وهذا وفقًا للنص القانوني الملزم من المادة رقم (٩) من قانون الشهر العقاري رقم ١١٤ لسنة ١٩٤٦م.
وبصدور القانون رقم ١٨٦ المشار إليه وبتعديل بعض أحكام القانون رقم١١٤ لسنة ١٩٤٦ بتنظيم الشهر العقاري، إضافة اللجنة التشريعية في مجلس النواب مادة جديدة إليه رقم (٣٥ مكررًا)، وقد أقرها المجلس ودون دخول في كتابة نصوص هذه المادة التي صدرت في الجريدة الرسمية في بداية شهر سبتمبر من عام ٢٠٢٠، إلا أن تفسير هذه المادة حتى يتحدد البناء التنظيمي الأساسي، لابد من عدة إجراءات مترابطة وطويلة معقدة يلزم المالك القيام بها عند تسجيل ملكية العقار، وهي إلزام على المالك بتقديم طلب لمأمورية الشهر العقاري في دائرة العقار محل التسجيل، ثم حضور مهندسي المساحة المدنية لمعاينة العقار ومدى سلامته، ثم تحديد إخطار مقبول من مأمورية الشهر العقاري، ثم الذهاب إلى الجهات المعنية المختصة في المحافظة أو الهيئة أو من ينوب عنها لتسجيل دعواه، لكي يمر ببعض الأمور المعقدة أيضًا للحصول على رقم وقتي حتى يحصل على حكم، وإذا لم يقدم معارضة للحكم يأخذ رقمًا نهائيًا ويحق له تسجيل العقار، شرط أن يتعين عليه حضور شهادة معتمدة من المحافظ أو رئيس الحي أو من ينوب عنهم بأن العقار الواقع في دائرتهم محل التسجيل غير مخالف، في وقت أغلبية العقارات مخالفة وفقًا لقانون التصالح في مواد البناء، وتوجه الدولة نحو القضاء على العشوائيات التي ترعرت وانتشرت في ربوع مصر منذ عقودٍ مضت، مما يصعب على المالك استكمال الشكل القانوني المعتمد للنموذج المخطر به مأمورية الشهر العقاري لتسجيل ملكية العقار، لأن الراغبين عن التسجيل من خلال هذا الشكل يترسخ لديهم الشعور بالإحساس أنهم قد بدأوا فعلًا رحلة العذاب، لتلك الإجراءات اللازمة لتسجيل ملكية العقار التي تعتبر عديدة ومعقدة يصعب على المواطنين تجاوزها مما يحرمهم من التمتع بالمرافق والخدمات العامة التي تقدمها الدولة لهم.
وإن كان مجلس النواب قد انحرف عن الغاية التي كرسها الدستور وألزم الدولة بتوصيل وتقديم هذه الخدمات وضمانتها كحق أساسي من حقوق الإنسان، لأن نقص هذه الحقوق اللازمة لحياة الإنسان هو جنوح المشرع وانحرف وتعسف في استخدام سلطاته التشريعية وتشاركه الحكومة أيضًا في تنفيذ هذا الانحراف بإنكارها أصل الخدمات والمرافق بل وتعطيلها للوصول إلى الإنسان، ويعتبر هذا شعور بالحرمان الناتج عن سوء تخطيط وعشوائية وفساد الوحدات والأحياء المحلية، وقد ترتب على هذا القانون المشقة والتوتر النفسي الذي يصاحب المالك في تسجيل وحداته العقارية.
إذا كانت السلطات العامة في الدولة لها حق اقتراح القوانين، فلابد من أن تتوازن بين حقوق واحتياجات الأفراد من المرافق العامة دون الجنوح عليها من ناحية، وبين المصلحة العامة للدولة من ناحية أخرى في إطار عدم مخالفة احتياجات المواطنين من خدمات هي شريان الحياة ألزم الدستور الحكومة أن توفرها وتمدها للمواطنين، لأن في ظل التطور التكنولوجي السريع والتمدن والرفاهية في الحياة المدنية الحديثة التي يشهدها العالم، من عصر الفضاء والسموات المفتوحة وأصبح العالم قرية صغيرة من خلال التواصل عبر شبكات التواصل الاجتماعي الفيسبوك، الذي استطاع العقل البشري أن يبدع ويفكر ويعيش ويتابع الأحداث والتطورات فيها، بعد كل هذا لا منطق ولا عقل يقبل أن يعيش المواطن دون كهرباء ومياه وغاز إلاّ بعد تسجيل ملكية عقاره وهذا يستحيل في ظل قانون معقد صعب أن تتحقق بنوده، وإن كنت أهيب بالأحزاب السياسية في مصر، أن تنشر الآراء والأفكار والمقترحات والإعلان عن مواقفها ونقاطها الجوهرية في تدعيم السياسة الداخلية والخارجية للدولة، في مناخ ديمقراطي يتوافر فيه حرية الرأي والرأي الآخر، يحترم فيه مؤسسات الدولة والدستور والقانون، وأن يكون أعضاء مجلس النواب على اتصال دائم بأبناء دوائرهم الانتخابية، وهذا أمر طبيعي بحكم النصوص القانونية المنظمة، لكي يتم اختيار أعضاء في البرلمان، لأن خدمة النائب لأبناء دوائرهم هو حق أصيل من العضو النائب من خلال عضويته في المجالس التشريعية، من أجل تحقيق المبادئ والأهداف الأساسية التي وعد بها في برنامجه الانتخابي.
ونتمنى من الإسراع بحوار مجتمعي نحو قانون “الشهر العقاري” وتعديل مواده باعتبار المرافق العامة الأساسية حقًا من حقوق الإنسان المرهونة بتسجيل ملكية العقار، لأن غياب التشريعات والقوانين المنظمة لذلك يعد مخالفه صريحة للدستور، خصوصًا أن الدولة ملزمة بدخول هذه المرافق للشعب، ثم نطالب بألا يكون رسوم التسجيل والمصروفات خيالية، حتى لا يكون عدم التسجيل ودخول المرافق أفضل، ولكن يجب مراعاة الظروف والأعباء التي يتحملها المواطن خصوصًا إذا كان من محدودي الدخل، بل تكون مصاريف التسجيل للدرجة المعقولة، وفي نفس الوقت تسهيل عملية الإجراءات ورسوم التسجيل في الجهات المعنية المختصة الواقع في دائرتها العقار، حتى يتحقق التوازن لكسب رضاء الرأي العام من ناحية، وكسب التفاوض مع القوى الموجودة في مجلس النواب والحكومة من ناحية أخرى، ويتم حسم القضايا في هذه الأمور في وقت قصير، ولا يغيب دور الصحافة والإعلام ومؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية في المشاركة المجتمعية لهذا الحوار، ثم أهيب بالشعب المصري أن تسجيل الملكية العقارية هو كان حلمًا صعب المنال، وهذا الحلم قد تحقق، لكي تكون ملكيتك العقارية مشهرة لك حتى لا يسطو أحد على نزع هذه الملكية؛ لأن التسجيل أكبر ثروة حقيقة لثبوتها، فيجب النظر بعقلانية وتبادل الآراء المنفعية حول هذا القانون، حتى يتحقق الرضاء بين الشعب والحكومة والبرلمان، وفي النهاية الشكر للرئيس السيسي على إرجاء قانون “الشهر العقاري” عامين حتى يتم تعديل مثالبه.. تحيا مصر.
…..
نقلا عن “الاهرام”