على الرغم من مرور نصف قرن على انتصار أكتوبر المجيد، فإن ذكراه ستظل خالدة في أذهان المصريين وحاضرة تشعل الوجدان وستظل مصدر فخر واعتزاز لكل المصريين. فالحديث عن حرب أكتوبر لا ينتهي، أن انتصار أكتوبر لم يكن انتصاراً عسكرياً فقط، بل كان أيضاً انتصاراً للإرادة الشعبية. وقد كان تلاحم الشعب مع قواته المسلحة من أهم أسباب الانتصار حيث كان بمثابة ملحمة سطرها الجيش والشعب، قدم الشعب المصري مثالاً يحتذى به فى مساندة الشعب لجيشه، وأثبت أن النصر لا يتحقق فقط على جبهات القتال، وإنما يتحقق بوحدة الشعب وصموده ووعيه فالشعب المصرى كان الداعم والمحفز لجيشه حقاً وصدقاً ما قاله الرئيس الراحل أنور السادات ان هذا الوطن أصبح له درعا وسيف يحمية وان القوات المسلحة قامت بمعجزة وفقاً لأعلى مقياس عسكرى سوف يتوقف امامها التاريخ كثير لا شك في أن ملحمة أكتوبر حتى الآن لا تزال تشكل أهم انتصار للشعب المصري فعملية الإعداد لها والتعبئة الشعبية والقيم التي بنيت عليها من إيثار وفداء وانتماء وإخلاص وإيمان بالوطن وثقة بالانتصار، كل ذلك شكل روح أكتوبر التي عاشها الشعب المصرى وجيشه الباسل. فالشعب المصرى رغم المحن والأزمات التي عرفها على مدى آلاف السنين، فإن إرادته لا تموت، ويعود إليه شبابه وحيويته، فتجده يكسر أغلال الانكسار ويعود مجدداً ليقف في صمود تحت راية الانتصار. فعلى مدى التاريخ، كان للشعب المصرى دور كبير وعظيم في الوقوف بجوار جيشه وقيادته، وهذا الوقوف حقق الانتصارات الكبرى طوال السنوات الماضية، وسجل التاريخ هذه المسيرة التي بينت للعالم كله أن هناك جيشا وطنيا وشعباً عظيماً حققا الانتصارات لمصر، وأصبح الشعب والجيش نسيجا واحدا وأصبحت الجبهة الداخلية جزءاً لا يتجزأ من ميدان المعركة. وثمة مؤشرات قوية إلى حجم التضحيات التي قدمها الشعب المصري، فلم تسجل حينذاك شكوي من ندرة التيار الكهربائي أو من أى نقص في الخدمات أو في السلع التموينية، ولم يضق المصريون بمعيشة الحرب بل تحمل الجميع ما هو دون الطاقة، وصبروا وأمنوا بإرادتهم في النصر ، واقتسم المصريون لقمة العيش وبزغت معاني الإيثار والإخاء والتكافل الاجتماعى فيما بينهم، وكانت حالة السلم الأهلى نموذجاً لتوحد الوجدان بين الشارع وميدان المعركة، كما انتفض المصريون للتبرع بالدم. يعود كل ذلك إلى الحس الوطني القوى لدى المصريين حيث تظهر فيه بشكل واضح قيم التضحية والإيثار.والتسامح وتغييب المصلحة الخاصة امتثالاً لوحدة الهدف وعظمة الغاية تكشف كل هذه المؤشرات عن جوهر عميق في بناء الشخصية المصرية والعمق الحضارى والتاريخي لها. فالشخصية المصرية عبر التاريخ تتمتع بالبطولة والحماس والقدرة على تجاوز الصعاب لأنها تشكلت في سياق تاريخي وثقافي وجغرافي اكسبها هوية ذات بعد حضارى يمتد في الزمان بصورة تجعلها عصية علي الانكسار والاستسلام، ستبقى حرب أكتوبر نموذجاً حيا لقدرة المواطن المصرى وإرادته في صناعة المستحيل وتحويل الانكسار إلى انتصار، وسيظل نصر أكتوبر عنوانا عظيما لإرادة المصريين التي لا تقهر وستظل الأرض المصرية شاهدة على بطولات أبنائها، فهذه الفترة أثبتت الولاء والانتماء والروح القتالية العالية من كل جموع الشعب. وهكذا سيظل أكتوبر مبعث اعتزاز وفخر وستظل ذكريات وبطولات النصر تتوارثها الأجيال جيلاً بعد جيل، توضح وتظهر مدى عبقرية وشجاعة المقاتل المصرى الذى لقن الإسرائيليين درساً لن ينسوه في فنون القتال والتخطيط والخداع الاستراتيجي الذي شهد به العالم أجمع.
لم يكن الجيش المصرى العظيم هو البطل الوحيد في حرب أكتوبر المجيدة، ولكن الشعب بكل أفراده ومؤسساته أدوا دوراً محورياً لم يقل أهمية عن الدور الذي قام به الجنود على الجبهة؛ حيث وقف الشعب من خلال قوته الناعمة خلف جيشه العظيم لمحاربة الشائعات والحرب النفسية التي كانت تبثها وسائل الإعلام الإسرائيلية حفظ الله مصر. حما شعبها العظيم وقائدها الحكيم.