مشروع قانون الإيجار القديم.. خطوة شائكة لفض الخلاف بين الملاك والمستأجرين

يعد مشروع قانون الإيجار القديم، أحد أبرز القضايا التي تشهد تباينًا واسعًا في الآراء بين مختلف الأطراف المعنية، سواء من الملاك أو المستأجرين.
ويأتي ذلك، بعدما قال رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، أن مشروع القانون جاء تنفيذًا لحكم المحكمة الدستورية الذي أوجب إصدار قانون جديد ينظم العلاقة الإيجارية قبل نهاية الفصل التشريعي الحالي.
وأضاف أن، إعداد المشروع تم بالتنسيق مع كافة الجهات المعنية، وتم رفعه للبرلمان لإجراء مناقشات مجتمعية شاملة، تضمن مشاركة جميع الأطراف المتأثرة بالقانون.
ويتضمن مشروع القانون، تعديلات جذرية في تحديد القيمة الإيجارية للوحدات السكنية الخاضعة للإيجار القديم في المدن والقرى، وذلك عبر مرحلة انتقالية لا تقل عن 5 سنوات، وخلال هذه الفترة، سيتم رفع القيمة الإيجارية تدريجيًا، لتقليل الفجوة بين القيمة الحالية والسوقية، مع مراعاة الظروف المعيشية للمستأجرين، وضمان حقوق الملاك.
وأكد رئيس الوزراء، أن مشروع القانون يراعي البعد الإنساني، حيث يتضمن مواد واضحة تمنع الطرد الفوري للمستأجرين، وتعمل على توفير بدائل مناسبة من خلال إدماج غير القادرين في مشروعات الإسكان الاجتماعي. ورحب برلمانيون بهذه الخطوة، معتبرين إياها خطوة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية، وضمان حق السكن دون الإضرار بحقوق الملاك، فيما تحفظ أخرون على بعض المواد الواردة في مشروع القانون.
وأكد النائب محمد عطية الفيومي، رئيس لجنة الاسكان بمجلس النواب، أن رئيس مجلس النواب حنفي جبالي، أحال مشروع القانون إلى اللجنة المشتركة من لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير، ومكتبي لجنتي الإدارة المحلية والشؤون الدستورية والتشريعية.
واوضح الفيومي أن اللجنة ستأخذ الوقت الكافي في دراسة الملف نظرًا لحساسيته، مشيرًا إلى التزامها بفتح الباب لجميع الآراء لضمان الوصول إلى صيغة توافقية.
مشيرا: أن البرلمان سيفتح الباب واسعًا أمام الملاك والمستأجرين لعرض آرائهم، مشددًا على أن القانون لن يصدر إلا بعد التوصل إلى صيغة عادلة ومتوازنة.
ومن المنتظر أن، تبدأ أولى جلسات الحوار المجتمعي يوم الاثنين 5 مايو، وتستمر حتى 19 من الشهر نفسه، حيث سيتم الاستماع إلى آراء المستأجرين، تليها جلسة مخصصة لعرض وجهات نظر الملاك.
وسيشارك في الجلسات وزراء الإسكان والعدل والتنمية المحلية والتضامن، في جلسة موحدة لمناقشة كافة التفاصيل المرتبطة بالقانون، بما في ذلك الوحدات السكنية المغلقة.
وأثنى الدكتور إيهاب رمزي، عضو لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب وأستاذ القانون الجنائي، على مشروع قانون الإيجار القديم المقدم من الحكومة، مؤكدًا أنه يمثل خطوة إيجابية نحو تحقيق العدالة بين الملاك والمستأجرين.
وأشار رمزي، إلى أهمية هذا المشروع في تحقيق توازن عادل بين الطرفين، مبرزًا الفوائد التي ستترتب على تطبيقه حال الموافقة عليه، بالإضافة إلى مقترح مستحدث يساهم في تسوية العلاقات الإيجارية القديمة.
وكشف الدكتور إيهاب رمزي عن عزمه تقديم اقتراح لإضافة مادة مستحدثة ضمن مشروع قانون الإيجار القديم، والتي ستتم مناقشتها في اللجنة المشتركة من اللجان النوعية بمجلس النواب وتهدف هذه المادة إلى إنهاء العلاقة الإيجارية بين المستأجر والمالك خلال السنوات الثلاث الأولى من تطبيق القانون، مع منح المستأجر تعويضًا ماليًا بنسبة 25% من القيمة السوقية للوحدة المؤجرة.
وأوضح رمزي أن، هذه المادة تعطي المستأجر فرصة لإنهاء العلاقة الإيجارية بالاتفاق مع المالك، بدءًا من اليوم التالي لتطبيق القانون وحتى مرور ثلاث سنوات. وفي حال تخطى المستأجر الثلاث سنوات وانتظر مرور خمس سنوات، لن يحصل على أي تعويض مالي. وأضاف رمزي أن هذه المادة إذا تم تطبيقها، ستسهم في تسوية ملايين من العلاقات الإيجارية القديمة، وتحقيق فوائد اقتصادية كبيرة، منها زيادة الإيرادات العامة عبر ضريبة العقارات، وتحقيق العدالة الاجتماعية بين الملاك والمستأجرين.
ومن أبرز الفوائد التي أكد عليها الدكتور إيهاب رمزي هي أن تطبيق هذه المادة سيؤدي إلى حسم العديد من القضايا المتعلقة بالعقارات القديمة، ودخول مليارات الجنيهات إلى خزينة الدولة. كما ستتيح للمستأجرين الذين يحصلون على التعويض المالي فرصة لشراء وحدات سكنية جديدة بأسعار معقولة من الدولة، مما يعزز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.
كما أشار إلى أن المادة المستحدثة توفر خيارًا للمستأجر في حال رغبته أو رغبة المالك في إنهاء العلاقة الإيجارية مبكرًا، ويستفيد المستأجر بتعويض يساعده في تأمين سكن بديل، مثل دفع التعويض مقدمًا لوحدة سكنية جديدة. مثال على ذلك، إذا كانت قيمة الوحدة السكنية مليون جنيه، يحصل المستأجر على تعويض قدره 250 ألف جنيه عند الخروج خلال السنوات الثلاث الأولى.
وأكد إيهاب رمزي، أن هذا المقترح يوفر عدالة أكبر للطرفين، حيث يحصل المستأجر على تعويض مالي يساعده على الانتقال إلى مسكن آخر، في حين يتمكن المالك من تأجير الوحدة السكنية بقيمة سوقية جديدة، مما يعوضه عن دفع التعويضات للمستأجر الذي غادر الوحدة قبل مرور الثلاث سنوات.
وأعرب عن أمله في أن تحظى هذه المادة المستحدثة بموافقة أعضاء اللجنة البرلمانية المشتركة، ليتم إضافتها إلى مشروع القانون عند مناقشته في الجلسات العامة لمجلس النواب.
من جهته شدد النائب طارق شكري، وكيل لجنة الإسكان، على أهمية إصدار قانون غير قابل للتأويل، يحقق الانضباط والعدالة لكافة الأطراف.
ولفت النائب طارق شكري، وكيل لجنة الإسكان بمجلس النواب، إلى أهمية تحقيق التوازن في التعديلات التي تطرأ على نصوص قوانين الإيجار القديم، مشيرًا إلى ضرورة مراعاة مختلف جوانب المجتمع في صياغة مشروع القانون المقدم من الحكومة.
وأبدى شكري تساؤلاته بشأن بعض مواد القانون، خاصة المادة التي تنص على الإخلاء خلال خمس سنوات، معتبرًا إياها قضية مثيرة للجدل.
وقال شكري في اجتماع اللجنة المشتركة المعنية بدراسة المشروع: إن لم تكن هذه المادة موجودة كان من الممكن أن تمر الأمور بسهولة، لكن مع وجودها قد تسبب انقسامات في المجتمع.
وأوضح شكري أن المشروع يتطلب مناقشة مجتمعية أوسع، قائلاً: “لا بد أن نستمع جيدًا أولاً من الطرفين: الملاك والمستأجرين.
واعتبر أن، الحوار المجتمعي حول هذا الموضوع أمر بالغ الأهمية لضمان التوصل إلى حلول منصفة تحافظ على حقوق جميع الأطراف.
وأشار النائب طارق شكري، إلى أن هناك تفاوتًا كبيرًا في زيادة القيمة الإيجارية بين الأغراض السكنية والتجارية، ما اعتبره أمرًا غير عادل. وقال: زيادة 20 ضعف القيمة الإيجارية في السكني حد أدنى 1000 جنيه، وهو ما يمثل خمسة أضعاف الزيادة في القطاع التجاري.
وأكد أن هذا التفاوت في الزيادة يعد من أبرز القضايا التي يجب إعادة النظر فيها لتجنب إحداث أعباء إضافية على المستأجرين في القطاع السكني.
وأكد النائب إيهاب منصور، عضو مجلس النواب، خلال اجتماع اللجنة المشتركة، أن هذا المشروع لن يحقق توافقًا كاملًا بين المعارضة والأغلبية، مشيرًا إلى ضرورة مراعاة دقة الأرقام والحصر الصحيح للوحدات السكنية لتجنب الأزمات المحتملة.
وأوضح منصور أنه في ظل عدم دقة البيانات، من المتوقع أن تواجه نحو 5% من الوحدات في مصر مشكلة في تطبيق القانون.
وأشار النائب إيهاب منصور، إلى أن الحديث عن القانون لا يعني الدفاع عن طرف واحد فقط، بل هو دفاع عن حقوق كل من الملاك والمستأجرين. وأكد على أهمية وجود حصر دقيق للوحدات السكنية، موضحًا أن الأرقام غير الدقيقة قد تؤدي إلى تفاقم المشكلة، مما يستدعي ضرورة التحقق من البيانات قبل اتخاذ أي قرارات.
وفيما يتعلق بالقيمة الإيجارية، أوضح منصور أن تحديد 1000 جنيه كحد أدنى للأجرة يعتبر ظلمًا لكل من الملاك والمستأجرين. وأعطى مثالًا على ذلك في شارع الهرم، حيث قد لا تمثل هذه القيمة عبئًا، بينما في مناطق أخرى قد تصبح هذه الأجرة عبئًا كبيرًا على المستأجر. وبيّن أن الأرقام المتعلقة بالقيمة الإيجارية يجب أن تكون مرنة وتراعي ظروف كل منطقة واحتياجات السكان.
وطرح منصور، اقتراحًا لتصنيف الشوارع والمناطق بشكل دقيق لتحديد القيمة الإيجارية، بحيث تكون القيم عادلة ومتوازنة. وأعرب عن تخوفه من قدرة الحكومة على توفير الوحدات السكنية اللازمة لتلبية احتياجات المواطنين غير القادرين على تحمل الزيادة في الإيجارات، مشيرًا إلى أن هناك العديد من المستأجرين الذين لا يمتلكون القدرة المالية على دفع الزيادات المقترحة.
واقترح منصور أن، تكون القيمة الإيجارية في القانون الجديد لا تتجاوز 15% من دخل الأسرة، بما يضمن التوازن بين الحقوق والقدرة المالية. مشددا: على ضرورة التفرقة بين الوحدات المغلقة وغير المغلقة،
وطالب منصور، بضرورة التدقيق في التشريعات المتعلقة بالإيجار القديم، مشددًا على أهمية حصر عدد المستأجرين بشكل دقيق لفهم أبعاد المشكلة وتقديم حلول عادلة للملاك والمستأجرين على حد سواء.
وأكد أن الدقة في تطبيق القانون وحسن التدبير في التعامل مع الملفات الخاصة بالإيجار القديم ستكون عوامل أساسية لتحقيق التوازن الاجتماعي والاقتصادي في هذا الملف.
وأوضح النائب عمرو درويش، أمين سر لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، أن البرلمان سيظل صوت الناس في مناقشات قانون الإيجار القديم، مشددًا على أن حل هذا الملف المعقد يتطلب تكاتفًا حقيقيًا بين البرلمان والحكومة وكافة مؤسسات الدولة.
وأوضح درويش أن المسؤولية تشاركية ولا يمكن تحميلها لطرف دون الآخر، مضيفًا: “محدش هيشيل لوحده.. المسألة مش فسخ عقود وترك الناس تواجه مصيرها بمفردها“.
وطالب درويش الحكومة بتقديم بيانات دقيقة للبرلمان، تشمل أعداد العقارات الخاضعة لقانوني الإيجار القديم رقم 49 لسنة 1977 و136 لسنة 1981، سواء كانت وحدات سكنية أو تجارية.
وأشار إلى ضرورة معرفة القيمة الإيجارية في مختلف المناطق، وكذلك دراسة الأوضاع المعيشية للمستأجرين، لاتخاذ قرارات عادلة تحقق التوازن المطلوب بين جميع الأطراف.
وأضاف درويش أن، استمرار الوضع الراهن لسنوات طويلة أدى إلى معاناة الطرفين، سواء الملاك الذين تآكلت حقوقهم، أو المستأجرين الذين أصبحوا في وضع قانوني غير مستقر، قائلاً: “طالما أن الدولة تركت الأمر لعقود، فيجب أن تتكاتف كل الجهات لإيجاد حل عادل ومنصف.
وأكد النائب أن هناك بالفعل حصرًا لدى مصلحة الضرائب العقارية للوحدات الخاضعة لقانون الإيجار القديم، مشيرًا إلى أن هناك حلولاً مقترحة مثل نظام “الإيجار المنتهي بالتمليك”، أو إدماج الفئات غير القادرة في برامج الإسكان الاجتماعي.
وأوضح أن هذه الحلول قيد الدراسة، ضمن إطار شامل يسعى للحفاظ على استقرار المجتمع، مع ضمان عدم الإضرار بالفئات الأكثر احتياجًا.
وحول الفترة الانتقالية المنصوص عليها في مشروع القانون، والتي تبلغ خمس سنوات، أشار درويش إلى أن الأمر لا يزال محل نقاش بين أعضاء البرلمان، لافتًا إلى إمكانية زيادتها إلى سبع أو عشر سنوات، بحسب ما تقتضيه مصلحة المواطنين وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وأضاف أن، المقترحات تشمل أيضًا دعم المستأجرين الأكثر احتياجًا، من خلال برامج بديلة تراعي ظروفهم الاقتصادية، مؤكدًا أن البرلمان لن يتخذ أي قرار إلا بعد حوار مجتمعي شامل.